همسه من القلب للقلب
كثيراً ما نقابل أشخاص يكيلون بمكيالين خلف ستار مكارم الاخلاق ويموهون عن أخلاقهم السيئة بإسم الحياد والنزاهة .
فهم قد ابتعدوا عن ظلال العدل والايمان ولغة الحب والوفاء ، يتلاعبوا بالآخرين من أجل الوصول إلى غاياتهم وإن كشفهم أحد يلحقون الاذى به ،فهم لايريدون الكشف عن حقيقتهم تحت أي ظرف من الظروف؛ لانهم يعلمون حقارتهم جيداً ولكن يخدعون أنفسهم
بأن هذة هي القوة ،وإذا إستقيظ ضمير أحدهم أخمدوه بقوة إيمانهم بأنَّ هذا زمن الاقوياء وقساة القلوب ، وأنهم على حق فلا يشعرون بالذنب فهم لايكترثون إلا بأنفسهم فقط .
أولئك هم ……
أصحاب القلوب السوداء…
هم يشعرون بأنهم أكثر أهمية من غيرهم
وعليه الكل يُدين لهم بشئ ،وغالباً يريدون إنجاز أي شئ و الحصول عليه ،
لديهم قناعة أنهم يستحقون كل ماهو جميل سواء عملوا وتعبوا من أجله أَم حصلوا عليه بطرق ملتوية.
فحياتهم كلها مبنية على الخداع والتلاعب بالآخرين والاكاذيب الكثيرة فهم مستعدون للقيام بأي شئ من أجل تحقيق أهدافهم .
وكثيراً مانتقابل مع أشخاص تخدعنا إبتسامتهم المزيفة ونتقرب منهم و نحبهم ونتعامل معهم بنوايا حسنة ،ثم نكتشف قلوبهم السوداء فينتابنا الالم على حالهم وحالنا معهم ،فهذة العلاقات لاتنجح دائماً خاصةً بعد معرفة حقيقتهم ،فنفترق ونتجرع كاسات الحزن والندم على أيام من عمرنا عشناها مع من لايستحق قلوبنا .
وأتسائل هنا ما الفائدة من ابتسامة صفراء خارجية وقلب يملأه الخُبث؟ ما الفائدة من الوعود وتبادل عبارات المحبة والقلب يفيضُ بالغدر؟ ما الفائدة من الهدايا والورود والقلب يملأه الحسد؟ ما الفائدة من قلب صديق لا يقدر الصداقة الحقيقية؟…
ثم أدركت أنهم يخفون قلوبهم الخبيثة وراء ابتسامتهم ،وماهي إلا أداة لتغطية ما في قلوبهم من حقد وضغينة فما تُخفيه النفوس أعظم من أي شيء قد تُظهرهُ الابتسامة وإن ظاهر الأشياء يختلف عن باطنها اختلافا كلياً .
من أهم مايميز أصحاب القلوب السوداء أنهم حين ينظرون إلى الاخرين، ينظرون لهم بعين ناقمة تفتش عن العيوب وتبحث عن المساوئ فأن وقع نظر أحدهم على شخص يحمل أخلاق حسنة متعددة ولكن لديه خصلة سيئة فلا يرى سواها ،ونادراً ما تجده يمدح إنسان في الغيب ،ونفسه تميل الى السوء فيحمل تصرفات الآخرين على الجانب السلبي دائما فإن رأى فعل لشخص يحمله على السوء فإن سمع كلمة ممكن أن تُحمل على الخير والشر حملها على الشر خلافاً لصاحب القلب الكبير وهو الذي يحمل الناس على الخير وما أُمرنا إلا أن نكون من أصحاب القلوب البيضاء..
قال تعالى
(…الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم)41 المائدة
في أحد القصص التي وردتنا عن عيسى عليه السلام وهو يجوب البلدان ويسير معه البعض لكي يتعلمون منه ما يطهر أرواحهم ويجتث من نفوسهم الخبائث روي أنه مرّ وأصحابه على كلب ميت ، فقال له بعضهم ما أنتن ريحه ! فقال عيسى بن مريم : ما أبيض أسنانه .
حيث أراد يعلمهم ويعالج هذا المرض الخطير فيبحثوا على المحاسن في الآخرين ويغضوا عن المساوئ.
ومن أسوأ مايميز صاحب القلب الاسود……..الحسد .
فحين يرى نعمة عند الاخرين يريد زوالها ويعتبر زوالها نعمة عليه ويتمنى أن لا تبقى عند أحد نعمة.
ولم تكن في قلبه رأفة فما هو إلا سيئ السريرة،وقد ذم الله سبحانه في كتابه أقوام لقساوة قلوبهم ،فالقسوة من الصفات الذميمة التي تبين لنا سوء باطن الإنسان.
فهو يغلي حقداً فإن إختلف مع أحدهم أصبح عدواً له ،ويذم فيه في كل مجلس ويقلل من شأنه ويتشمّت في مصائبه وذلك لفساد روحه وسواد قلبه.
وفي الحديث الشريف طهروا قلوبكم من الحقد فإنه داء موبئ).
فطهروا قلوبكم فلسلامة القلب عظيم الأثر في سعادة المرء.
قال تعالى على لسان الخليل ابراهيم {وَلا تُخزِنِي يَومَ يُبعَثُونَ * يَومَ لا يَنفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلَّا مَن أَتَى اللهَ بِقَلبٍ, سَلِيمٍ,} [الشعراء: 87 – 89].
قلبٌ سليمٌ من الشك والشرك والنفاق, ومن الأحقاد والقسوة والغلظة والضغينة ، فقد قال الإمام علي (رضي الله عنه ) : قلوب العباد الطاهرة مواضع نظر الله سبحانه ، فمن طهر قلبه نظر إليه.
وقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم)).
همستي
إبتعدوا عن أصحاب القلوب السوداء والنفوس الخبيثة ،وتمسّكوا بمن يغضّ طرفه عن السيئات ،من يدخله السرور حينما يرى النعمة عند الغير ،ومن لم يؤول أحاديث ومواقف الغير على سوء الظن ،تشبثوا بمن كان قلبه ليناً رقيقاً وقادر على مسامحة الناس والعفو عند المقدرة .
بقلم أ- مروة مصطفى
ولااحلل نقل المقال دون امضاااء
[…] قلوب ولكن سوداء […]