الغريق لا يتعلق بالقشة

الغريق لا يتعلق بالقشة
0 410

الغريق لا يتعلق بالقشة

أحد أشهر الأمثلة التى تُلقى على مسامعنا كثيراً، هو المثل القائل “الغريق يتعلق بالقشة”.. وبعيداً عن منطقية هذا المثال، فهو من الناحية المنطقية غير صحيح على الإطلاق. فلم نعهد أن غريقاً بحث عن قشة ليتعلق بها وتنجيه، فالقشة لا تغنى عنه موتاً ولا غرقاً. ولكن ما يُخشى عليه من هذا المثل هو تغذية مبدأ وعقيدة التعلق بالأشياء.. ولكن إن تعلق بخالق تلك الأشياء نجا وأفلح.

ونذكر فى هذا المقام، تعلق إبراهيم الخليل عليه السلام بالله لما ألقى فى النار..

ماذا فعل إبراهيم عليه السلام؟

قال: حسبى الله ونعم الوكيل.

فأتته النجاة من فوق سبع سنوات بمعجزة إلهية لا يعرف تاريخ البشرية لها مثيلاً. (قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ) – الأنبياء 69

وكذلك موسى عليه السلام..

تعلق بالله إذ لحق به فرعون وجنوده عند حافة البحر الأحمر.. فماذا قال موسى لما خشى المؤمنون على أنفسهم من فرعون وجنوده؟

قال: (قَالَ كَلَّا ۖ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ) – الشعراء 62

مواضيع اخري مميزة
1 od 2 |

فشق له رب العزة البحر الأحمر، ومر هو ومن آمن معه إلى البر الأخر.. وأغرق فرعون وجنوده فى ماء البحر .

وكذلك يونس عليه السلام..

لما التقمه الحوت، كان عليه السلام يردد: (لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) – الأنبياء 87.. أنجاه الله سبحانه وتعالى من ظلمات الحوت والبحر..

الغريق لا يتعلق بالقشة
الغريق لا يتعلق بالقشة

وكذلك يوسف عليه السلام..

تعلق بالله فنجاه من غيابات الجب (البئر).. ومن كيد إمراة العزيز والنسوة فى المدينة ثم من السجن..  وجعله أميناً على خزائن الأرض.. خزائن مصر التى كانت تغذى العالم القديم بأكمله. ولا نقول كما يقول البعض أن “خزائن الأرض” تعادل وزارة المالية بالمعنى الحديث.. ولكن؛ إن صح التعبير؛ فقد كانت بمثابة البنك الدولى الذى يستند إليه العالم القديم فى أزماته ومحنته..

كل تلك المعجزات تعلمنا أن الغريق لا يتعلق بالقشة ولكن بالله سبحانه وتعالى. ويجب على كل مؤمن بالله أن يكون دائم التعلق به ليس فقط فى أوقات الشدة ولكن فى الرخاء أيضاً.

قد يمر الإنسان ببعض لحظات الغفلة والبعد.. وتُسهم الأمثال وما يتردد على مسامعنا من كلمات مأثورة كالمثل الذى تناولناه هنا فى توسيع فجوة تلك الغفلة. ولكن علينا أن نتذاكر بين الحين والأخر فيما بيننا لتقوى عزائمنا وإيماننا بالله. فإذا ما مرت بنا لحظة غفلة مددنا أيدينا إلى السماء لنرى أنها تتخذ فى هيئتها صورة لفظ الجلالة “الله”.. كأنها تناجيه وتسأله من فضله العظيم..

وأخيراً، علينا أن نستوثق مما يرمى على آذاننا ونتفكر فيه قبل أن نردده أو نتبعه.

Facebook Comments Box
اترك تعليق