هل العقل في القلب أم في الدماغ؟! من أشهر القضايا التي نالت الكثير من الجدل قديماً وحديثاً بين العلماء والفلاسفة والمفكرين.
استناداً إلي ظاهر الآيات والأحاديث النبوية التي تناولت تلك المسألة ذهب بعض العلماء إلي أن العقل في القلب. يقول الله تعالي: (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا) سورة الحج-آية 46. بينما ذهب البعض الأخر إلي أن العقل في الدماغ، ومن أشهر الأدلة التي يستدل بها هؤلاء هو أن كل شيء يؤثر في الدماغ يؤثر في العقل.
ومنذ أن نشأ هذا الجدال الذي لا نستطيع أن نؤرخ له بتحديدٍ، صدرت العديد من الكتابات والمؤلفات والمناظرات وكذلك الأبحاث التي تحاول سبر أغوار هذا الأمر والوصول به إلي قولٍ فصل إلي أن ثبت حديثاً بالأبحاث العلمية أن للقلب جهاز عصبي مستقل يتمثل بعقل شديد التعقيد، ويتكون من أكثر من أربعين ألف خلية عصبية. كل خلية من تلك الخلايا لها القدرة علي تخزين كم هائل جداً من المعلومات، كما أن لها دور كبير في التحكم بكل الجسد. وهذا العقل مستقل بعمله عن الدماغ البشري المعروف.
ويتواصل عقل القلب مع الدماغ البشري بوسيلتين أساسيتين: الأولى ثنائية عن طريق عصب شوكي مزدوج حيث يتم التأثير والتأثر باتجاهين ما بين القلب والدماغ وبالعكس حيث يتم خلالها تبادل البيانات ونقل الأوامر ومعالجتها وحفظها.
أما الوسيلة الثانية فهي أحادية عن طريق الموجات الكهرومغناطيسية للقلب وتتم في الغالب باتجاه واحد، فالقلب هو المرسل والدماغ هو المستقبل وتتأثر بهذه الموجات مواقع محددة داخل المخ وتتفاعل معها، وتتغير طبيعة وشده هذه الموجات تبعا للحالة النفسية للفرد.
وبذلك يكون القلب هو المهيمن على الإدراك والتمييز والإحساس والفهم والتعلم، والدماغ يختزن المعلومات التي اكتسبت من علم وخبرة على مر السنين ويوفرها للعقل الذي مقره القلب، فالدماغ البشري يقوم بعمل الحاسوب الضخم ذو المسرعات الخارقة والتي تعمل عل تخزين وتحليل البيانات ومعالجتها وإرسال التعليمات المباشرة أو الإرادية والغير مباشرة أو اللاارادية اللازمة لاستمرار عمل أجهزة الجسم باختلاف أنواعها.
تتفق تلك النتائج المبهرة مع ما بينه القرآن الكريم من جعل القلب مركز الفهم والتعقل والوعي، ومركز المسئولية، والإحساس والذوق، ومركز الإيمان والكفر. وهكذا يكاد يكون القلب هو المركز الذي تتفرع منه وتنتهي إليه شرايين الإنسانية، وليس مجرد عضلة تنظم توزيع الدم حسب حاجات البدن. فهو – إن صح التعبير- مصدر التوجيه والقيادة في الإنسان، الذي يضله ويهديه.
ومن هنا، ننبه إلي أن العقل القابع في الدماغ لا يكفي وحده للتفكير والحكم علي الأمور، كما أن القلب أو عقل القلب لا يؤدي الوظائف المطلوبة بمفرده، بل لابد من الجمع بينهما: العقل البشري يخزن المعلومات ويعالجها ويحللها، وعقل القلب يرشد ويوجه.
فلو أنك عاملت رعيتك في العمل مثلاً أو في البيت أو أياً ما كان باستخدام العقل فقط فقد تجور عليهم أو تغفل حقاً إنسانياً لازماً، وإن اعتمدت علي القلب وحده فقد تحيف وتظلم البعض علي حساب البعض الأخر.
التوازن والإصابة في الجمع بين عقل الدماغ وعقل القلب معاً فهذا أنجع وأنفع.
[…] كنت تمتلك هذة الاشياء فانت شخص ذكى الأشخاص كالذين يستعملون يدهم اليُسرى في امورهم […]