في الأول من إبريل (نيسان) من كل عام يحتفل العالم بصورة غير رسمية بما يسمي بـ “كذبة إبريل” أو “يوم الكذب” أو “يوم الحمقي” (أي ضحايا كذبة إبريل) عن طريق نشر الأكاذيب أو القصص الوهمية أو الأخبار الملفقة سواء علي مستوي الأفراد أو وسائل الإعلام بهدف التفكه والتندر، فما هو السر وراء هذا الاحتفال واختيار الأول من إبريل (نيسان) تحديداً كموعد للكذب العالمي؟!
حتي الآن لا يمكننا التحقق تماماً من أصل القصة إلا أننا سنسرد لكم أهم وأشهر الأقاويل حول أصل هذا الاحتفال مع تفنيد لبعض الآراء التي قد تتعارض مع الأصول التاريخية أو الأدلة المنطقية:
- في العصور القديمة كان يحتفل بالعام الجديد في الأول من إبريل (نيسان)، ثم تم تعديل الاحتفال في أواخر القرن السادس عشر الميلادي إلي الأول من يناير (كانون الثاني) علي يد البابا جريجور الثالث عشر وفي عهد شارل التاسع ملك فرنسا آنذاك، لكن بسبب ضعف الاتصالات في ذلك الوقت لم يعلم الجميع بذلك فأطلقوا علي من ظل يحتفل بالأول من إبريل (نيسان) “كاذب إبريل”. إلا أن بعض المشككين يفندون تلك القصة اعتماداً علي القصص التي تربط بين الأول من إبريل وبين الأكاذيب والتي وردت في “حكايات كانتربري” للشاعر الإنجليزي جيفري تشوسر الذي عاش في القرن الرابع عشر الميلادي مما يشير إلي قدم تلك المناسبة.
- يشير البعض إلي أن القصة تعود إلي زمن نوح عليه السلام، حيث أرسل حمامة لتخبره بمكان آمن ترسو فيه السفينة إذا قام الطوفان، فما لبثت أن عادت الحمامة لتخبر سيدنا نوح عليه السلام أن الطوفان خلفها مما أثار سخرية باقي الحيوانات وكان هذا في الأول من إبريل (نيسان) حسبما ذكرت إحدي الصحف البريطانية، إلا أنه لا يمكن التأكيد علي صحة تلك القصة خاصة أنها لم يرد الربط بين تلك القصة وبين كذبة إبريل (نيسان) في أي من الكتب المقدسة.
- يري بعض المؤرخين أن هناك علاقة وثيقة بين “كذبة إبريل” وبين عيد “هولي” أو “مهرجان الألوان” في الهند الذي يحتفل به الهندوس في 31 مارس (آذار) من كل عام، ومن ضمن طقوس هذا الاحتفال أن يقوم بعض البسطاء بنشر بعض الأكاذيب بهدف اللهو واللعب ولا يتم الكشف عن حقيقة تلك الأكاذيب إلي مع حلول مساء اليوم التالي: الأول من إبريل (نيسان). كما يذهب البعض الأخر إلي الربط بينها وبين الاحتفال بمهرجان هيلاريا الذي كانت تحتفل به روما قديماً في نهاية شهر مارس (آذار) من كل عام، ويشارك الناس في هذا المهرجان بالملابس التنكرية.
- وهناك بعض الروايات تشير إلي أن أصل كذبة إبريل (نيسان) يعود إلي زمن سقوط الأندلس في نهاية القرن الخامس عشر علي يد فرناندو وإيزابيل، حيث نقض الإسبان المعاهدة التي أبرموها مع حكام غرناطة (آخر معاقل العرب المسلمين في الأندلس). وعلي الرغم من أن تلك الوقائع لها أصل تاريخي إلا أنه لا يمكن الجزم بالربط بينها وبين “كذبة إبريل” لأن الشاعر الإنجليزي تشوسر كما ذكرنا قد تعرض لذكر “كذبة إبريل” في “حكايات كانتربري” قبل واقعة الأندلس بقرنٍ تقريباً.
- يري بعض المهتمين بالفلك أن الربط بين “الكذب” والأول من إبريل (نيسان) يعود إلي الاعتدال الربيعي حيث يتساوي الليل والنهار ولا يمكن التكهن حينئذٍ بأحوال الطقس.
ومن الطريف أن نشير إلي أن جميع شعوب العالم تقريباً تبيح الكذب في هذا اليوم تحديداً فيما عدا شعبين اثنين فقط: الإسباني والألماني. أما الشعب الإسباني فقد صنف هذا اليوم كعيد ديني مقدس لديهم كما يصادف لديهم انتهاء الحرب الأهلية 1939 وبداية عهد نظام فرانكو، وأما الشعب الألماني فيحتفلون في هذا اليوم بعيد ميلاد الزعيم الألماني المعروف “بسمارك” وهو أول مستشار ألماني استطاع أن يوحد الولايات الألمانية وتأسيس الإمبراطورية الألمانية بعد نجاحه في الوصول إلي الحكم.
ومؤخراً أعلنت السلطات في الصين رفضها الاحتفال بالأول من إبريل (نيسان) من خلال نشرها بياناً بوكالة الأنباء الصينية “شينخوا” عام 2016
وفي النهاية، فهذه ليست دعوة للكذب، فالأديان السماوية وفي مقدمتها الإسلام لا تدعو إلي الكذب وتحذر منه ومن عواقبه، ,وإنما حاولنا التأصيل لما يمكن أن يعتقد أنه السر وراء “كذبة إبريل”.