كم من إنسان عدّ له الأطباء أياماً معدودة ثم عاش بعدها سنوات طويلة. أحد أساتذتي الأفاضل شكي لي ذات مرة من كثرة الأدوية التي يتناولها من أجل ضبط مستوي السكر والضغط وغيرها من الأمراض التي تنتاب كثير من كبار السن، وأنه سئم من كل تلك “الكبسولات والأقراص” علي حد تعبيره.
في لحظة يأس قاد أستاذنا الفاضل سيارته بأقصي سرعة أعلي أحد الكباري العلوية بالقاهرة مقرراً الانتحار بسيارته، إلا أن الهواء المنعش الذي تسرب إليه من نافذة السيارة وملأ صدره ورئتيه أنعش خلايا عقله وبث في قلبه حيوية غير مسبوقة فشعر أن الحياة ما زالت تنتظره مثلما كان ينتظره طلبة العلم لينهلوا المزيد من علمه وفكره.
وفي أقل من ثانية تغير المشهد بأكمله، نظر أستاذنا إلي حقيبة الأدوية التي كانت معه بالسيارة في تحدٍ واضح، ثم التقطها وألقي بها من نافذة السيارة، وعاش بعد تلك الواقعة لأكثر من عشر سنوات في صحة تامة ولم يتعاط طيلة تلك السنوات أي نوع من أنواع الأدوية ولم تطرق قدماه أعتاب أي عيادة أو مستشفي.
هذه ليست دعوة لنبذ الأدوية العلاجية أو هجر الأطباء إن كان أحدنا يشكو من مرضٍ ما؛ لا قدر الله؛ وإنما هي لافتة لتنبيه أولي الألباب وأصحاب العقول إلي التمسك بالأمل في تلك الحياة وعدم اليأس من أية معوقات قد تعترض طريقنا.
ولنا في جزيرة أوكيناوا اليابانية أسوة. تلك الجزيرة التي يطلق علي أهلها “الشعب الذي لا يمرض ولا يموت” بسبب طول أعمارهم وقلة إصابتهم بالأمراض.
في تلك الجزيرة التي تقع جنوب اليابان يؤمن أهلها بمبدأ “إيكيجاي”، أي أن يكون لديك هدف تستيقظ صبيحة كل يوم من أجل المضي خطوة للأمام في سبيل تحقيقه. أغلب من يسكن تلك الجزيرة تتجاوز أعمارهم الثمانين عاماً ويعيشون في سعادة بالغة مما جذب الكثير من الباحثين والدارسين فضلاً عن السائحين للذهاب إلي تلك الجزيرة والتعلم من أهلها البسطاء مبادئ “الإيكيجاي” أو “قيمة الحياة”.
كثيرة تلك القصص التي تروي لنا عن أناس عاينوا الموت ثم أدركتهم عناية الله ليعودوا إلي الحياة مرة أخري، أو تلك الكتب التي تتحدث عن العائدين من الموت أو أحداث ما بعد الموت، فلا تشغل ذهنك بالموت وما بعده فإنك إن أصلحت في دنياك وأحسنت استغلال ما مكنك الله فيه من نعم فما بعد ذلك أفضل بإذن الله.