أرقام صادمة
نشرت إحدي التقارير الصادرة عن “مؤسسة الفكر العربي” عام 2011 أرقاماً صادمة حول معدلات القراءة عند العرب مقارنة بالقارئ الأوروبي، حيث تشير الدراسة إلى أن العربي يقرأ بمعدل 6 دقائق سنوياً بينما يقرأ الأوروبي بمعدل 200 ساعة سنوياً.
كما تشير دراسة أخري أجرتها شركة سينوفات المتعددة الجنسيات لأبحاث السوق إلي أن اللبنانيين يقرؤون 588 دقيقة في الشهر، وفي مصر 540 دقيقة، وفي المغرب 506 دقيقة، وفي السعودية 378 دقيقة.
أما عن الصحف والمجلات فنجد أن المصريين والمغاربة يمضون 40 دقيقة يومياً في قراءة الصحف والمجلات، مقابل 35 دقيقة في تونس، و34 دقيقة في السعودية، و31 دقيقة في لبنان.
بالطبع نلحظ اختلافاً كبيراً وبوناً شاسعاً بين الأرقام التي وردت في الدراسة الأولي وبين الثانية، ولكن هذا الاختلاف ناتج من كون الأرقام الأخيرة تشمل قراءة القرآن الكريم. أما الأرقام السابقة فلا تحسب إلا قراءة الكتب الثقافية وتتغاضى عن قراءة الصحف والمجلات، والكتب الدراسية، وملفات العمل والتقارير، وكتب التسلية.
كم كتاباً يطبع العرب في كل عام؟
وفقاً لـ “تقرير التنمية الثقافية” الصادر عن منظمة اليونسكو فإن عدد كتب الثقافة العامة التي تنشر سنوياً في العالم العربي لا يتجاوز الـ 5000 عنوان. أما في أمريكا، على سبيل المثال، فيصدر سنوياً نحو 300 ألف كتاب.
ترجمة الكتب
في النصف الأول من ثمانينيات القرن العشرين، كان متوسط الكتب المترجمة لكل مليون مواطن، على مدى خمس سنوات، أقل من كتاب لكل مليون عربي في السنة، بينما في المجر يُترجم نحو 519 كتاباً لكل مليون، وفي إسبانيا 920 كتاباً لكل مليون مواطن.
كما تبلغ الحصيلة الكلية لما تُرجم إلى العربية منذ عصر الخليفة المأمون إلى العصر الحالى ما يقرب من 10000 كتاب، وأن هذا العدد يساوى ما تترجمه إسبانيا فى سنة واحدة.
ومن المفارقات التاريخية العجيبة أن الثراء الذي تتمتع به إسبانيا في مجال صناعة الكتب والترجمة يعود الفضل فيه إلي أجدادنا من العرب الأوائل الذين استوطنوا الأندلس.
فلقد ازدهرت في الأندلس، خاصة في القرن التاسع الميلادي، صناعة الكتب، فكان يقال إن قرطبة “أكثر مدن الله كتباً”. هذا النتاج الثقافي كان له أثره البالغ في الأدب الأوروبي، خاصة الإسباني عن طريق الترجمة أو الثقافة الشفوية.
فقد المؤلفات العربية دوراً ملموساً في مؤلفات الأدب الشعبي الإسباني: مثل النوادر والقصص بمفهومها البسيط، والمأثور والأمثال، والحكم والأشعار، وبدأت تظهر في كل مجالات العلوم في الأندلس.
أما بالنسبة لعرب اليوم فقد ورثنا عن الغرب أموراً أخري جعلت الاهتمام بالملهيات مثل مشاهدة التلفاز والعبث بالهاتف النقال والألعاب الإلكترونية يطغي علي حب القراءة.
ما هو الحل؟
وللخروج من هذه الأزمة لابد للدول العربية ووزارات الثقافة والشباب والتعليم أن تُولي للقراءة والقضاء علي الأمية بكافة أشكالها أولوية تتناسب مع حجم المشكلة التي نعاني منها، وأن تتكاتف جميعاً لوضع الخطط الاستراتيجية المخولة بغرس القراءة في نفوس الصغار والشباب، ونشر البرامج التعليمية التي من شأنها أن تشجع الطلاب على القراءة، وأيضاً البرامج التربوية والأسرية التي تشجع الأطفال على القراءة في المنازل، إلى جانب البرامج والمسابقات الخاصة بالشباب لتشجيعهم على القراءة، وذلك للتغلب على هذه الأزمة التي تهدد وطننا العربي ثقافياً وحضارياً وعلمياً.