همسه من القلب للقلب
الزواج عهد بين رجل وإمرأة ، علاقة تشوبها المودة والرحمة. الزواج علاقة متكاملة وشاملة متاع الدنيا من أبناء وزوجة صالحة أمرها الله بحسن التبعل وأمر زوجها بمعاشرتها بالمعروف والحفاظ عليها فكما وصفها النبي أنها أسيرة في بيته.
قال النبي ” صلى الله عليه وسلم”:
(خيركم خيركم لأهله ، وأنا خيركم لأهلي ، ما أكرم النساء إلا كريم ، ولا أهانهن إلا لئيم ).
ولكن نتيجة للأزمة الإقتصادية يضطر الكثير من الأزواج السفر للخارج وترك زوجاتهم وأبنائهم لعدم قدرتهم على تحمل تكاليف المعيشة في الخارج ولإن من أهدافهم الرئيسية إدخار الكثير من المال لتحقيق أحلامهم والإرتقاء بأسرتهم لمستوى أعلى في المعيشة.
وهنا تزيد المسئولية على أكتاف المرأة ، من رعاية أطفال وتعليمهم وتربيتهم تربية تُسعد أبائهم، فيشعر الرجل بأن غربته لم تكن هباءً بل أثمرت نشء يفتخر به .
ولكن هنا يتناسى كل من الزوجين حقوقهم في الزواج والكثير منهم تذبل مشاعرهم وتتطاير في طيات المشاكل .
وهناك زوجة لاتتحمل السفر لإرتباطها العاطفي بالزوج وللجو الاسري ولا يهمها الحالة الإقتصادية بل تغلبها العاطفة وإحتياجها للزو ج ولكنها تصارع في الحياة مرغمة على وضع الوحدة دون زوج يقف بجانبها لمواجهة التحديات اليومية ولا يشاركها لحظات الحزن أوالفرح ومن هنا تبدأ الخلافات بين الزوجين وتزداد المسافات بينهم والتباعد بزيادة مدة السفر .
هناك أزواج يدركون هذا الإحتياج ويقدرونه ويحاولون بقدر الاستطاعة التحدث إلى زوجاتهم والتعبير عن الإشتياق والحب الكامن بداخلهم ويشاركونهم عبر الهاتف مشاكلهم اليومية وأفراحهم وبذلك يخمدوا نيران الزوجة فتضمر المشكلات بينهم .
ولكن أردت أن أنوه عن الزوج الذي لا يرى سوى أنه بغربته دفع الثمن وحده أما هي في بلدها تأخذ منه المال تنفق ولاتحتاج لشئ .فهذا الرجل تناسى عاطفة المرأة ، وتناسى الفطرة التي جُبلت عليها وتناسى أنها بلاحب وعاطفة تصبح إمرأة بلاروح ، فيقتلها الإحتياج ويحرقها الشوق .
وهناك زوج أيضاً يُزيد من الضغط على زوجته بعدم موافقته على عملها ويزيده أكثر وأكثر برفضه للخروج من المنزل والتنزه والترفيه دونه ، فهذه من أكبر الأخطاء الجثيمة في حق المرأة فتشعر أنها في سجن حتى لو كانت أسواره من ذهب.
الضغط على المرأة والتسلط في إلقاء الاوامر عليها لا يخنق الحب وحسب، بل يخنق الروح وتزيد آلام فراق زوجها آلاماً أكثر وقعاً على النفس لحرمانها من حريتها المشروعة فتشعر أن العمر يجري ولم تعش سنها ، ومع الأسف الكثير من الازواج يمارسون هذة السلطة على الزوجة مبررين ذلك بأنه خوف عليهن ومنهم من يدعي أنها رجولة .
ولكني أرى أن إحترام التقاليد ليس بخطأ ، بل يحافظ على الأسرة ، ولكن بتروي وعقل لا بإلقاء الأوامر بل بالتفاهم والوصول إلى حلول ترضي الطرفين ، ولا تُسقط حق الزوجة في الحرية المشروعة لها ولأبنائها بالخروج للتنزه والترفيه وزيارة الأهل والأصدقاء.
ولا أنكر هذا الحال يرسي أيضاً على بعض الأزواج الغير مغتربين يذهبون للعمل ويعودوا للبيت ، يتناولون الطعام ثم يخرجوا للتنزه تاركين الزوجة حبيسة المنزل بلا شفقة ولا شعور بضيق المرأة وشعور الوحدة الذي يعتري قلبها ويحرقها لوعاً . فما بال الزوجةفي بلاد الغربة حبيسة المنزل أو الزوجة التي يتركها زوجها في بلدها ويسافر بل
ويأمرها أن تكون حبيسة المنزل .
في الحقيقة لا أرى هذا سوى أنانية رجل،وكأنه يريد أن يجرعها كاسات الحرمان ويشعرها بالغربة في بلدها وبين أهلها، ولا يدرك أنها لا تحتمل هذا العذاب.
فهل لايكفيه عذاب فراقه ، والعناء التي تواجهه في تربية الابناء بمفردها ، والشقاء التي تواجهه من تحديات الحياة ؟!!
هل لايكفيه الوحدة التي تعتري قلبها ولو كانت بين الناس ؟!
هل لايكفيه آلام الفقد وحرقة الإشتياق التي تعتصر قلبها؟!!!!!
لماذا هذة القسوة ؟!!!
أيها الزوج رفقاً بها وبقلبها ، إنصت إليها حين تحتاج إليك، ثق بها ولا تجعلها تدفع ثمن غربتك فوق طاقتها فلا ذنب لها ، بل تفهمها وقدّر أن فراقك وحده قاتل فرحتها ، فلا تُفني أجمل سنين عمرها حبيسة أفكارك وحدك ، تشاركا الرأي سوياً وتوصلا معاً إلى حل لايؤذي مشاعر أو كرامة أحدكم .
همستي للزوج
أغدق على زوجتك بالحب والحنان، إملأها حباً للحياة ، وثق أنك إن بحثت عن سعادتها سَتُزْهِر وتتفتح ورودها وتُنثر نسمات عطرها لتغمرك بالسعادة .
تيقن أنك لن تشعر بالسعادة ومن حولك
تعساء.
بقلم أ-: مروة مصطفى
لا احلل النقل دون امضاء
