أمير الانتقام يعيش بداخل كل منا

الانتقام بداخل كل منا
0 265

أمير الانتقام يعيش بداخل كل منا

أغلبنا يتذكر جيداً الفيلم العربى الشهير “أمير الانتقام“.. والذى حاكى فيه أنور وجدى دور “إدموند دونتس” بطل  رواية “كونت دى مونت كريستو”.. وهى إحدى روائع الروائى الفرنسى “إلكسندر دوماس”.

كان إدموند دونتس بحاراً فى زمن حكم لويس الثامن عشر. فخانه أصدقاؤه ووضعوا خطه للتخلص منه وسجنه بتهمة التأمر مع نابليون بونابرت. وفى السجن تعرف “دونتس” على “فاريا” العجوز.. الذى كان يخفى كنزاً كبيراً فى جزيرة مونت كريستو. فلما مات “فاريا” احتال “دونتس” وفر من السجن الحصين.. وانطلق إلى جزيرة مونت كريستو ليخرج الكنز المخبأ. ثم ذهب لينتقم من أصدقائه الذين خانوه وزجوا به فى السجن.

تلك هى واحدة من أشهر الأيقونات فى عالم الانتقام.. والتى ترجمت إلى أغلب لغات العالم الحية.. ومازالت تلقى لدى القارئ والمشاهد والمستمع صدى واهتمام لا مثيل لهما. ولكن ما هو السبب الذى يجعل من الانتقام مادة تستهوينا جميعاً بلا استثناء؟!

أثبتت الكثير من الدراسات أن الثأر والانتقام جزء من السلوك البشرى منذ نزول الإنسان على سطح الأرض.. لأن الانتقام يثير فى النفس البشرية محفزاً عاطفياً يدفع الإنسان إلى العمل والجرى وراء تنفيذ رغباته فى رد الإيذاء بالمثل.. طبقاً لما ذكره علماء النفس التطوريين.

وتبدأ دائرة الانتقام بشعور المنتقم لتعرضه للإهانة.. مما يسبب له ألماً نفسياً شديداً ينشط فى المخ مناطق مسئولة عن العنف.. مما يدفعه لرد الأذى والتهجم على الآخرين. فإذا ثأر الإنسان لنفسه وانتقم لكينونته تنشط فى المخ منطقة تسمى “النواة المتكئة”.. وهى المسئولة عن مكافآة الإنسان، مما يشعر المنتقم بالتلذذ من الانتقام.

مواضيع اخري مميزة
1 od 2 |

ويؤكد ذلك ما ذهب إليه عالم النفس “سيجموند فرويد“.. من أن الإنسان يشعر باللذة عندما يفرغ شحنة الغضب التى بداخله.

العلاقة بين العفو والتسامح والشعور بالرضا

أمير الانتقام يعيش بداخل كل منا
أمير الانتقام يعيش بداخل كل منا

وعلى الجانب الأخر.. فقد أشار بعض الباحثين وعلماء النفس فى عدد من الدراسات النفسية أن هناك علاقة وثيقة بين العفو والتسامح وبين تحقيق الشعور بالسعادة والرضا. وأكدت على ذلك مجلة “دراسات السعادة”. كما ربطت تلك الدراسات بين العفو والوقاية من الكثير من الأمراض.. خاصة تلك المتعلقة بالقلب والتوتر وضغط الدم.. كما أن الصفح والتسامح يريحان الأعصاب ويشعران المرء بالرضا والسلام الداخلى.

وتلك النتائج الأخيرة تتفق بصورة كبيرة مع ما يدعو إليه الإسلام.. من كظم الغيظ والعفو عند المقدرة كما هو مثبت فى القرآن الكريم والسنة النبوية.. وإن كان أيضاً يؤكد على أن العفو ليس محموداً طيلة الوقت خاصة إذا ترتب عليه مالا يحمد عقباه.. فالعفو الذى لا يدفع عن المرء الذلة والمهانة لا يعد عفواً، وإنما ضعف وهوان. وإذا ما تكررت الإساءة ولم يكن العفو عن تلك الإساءة رادعاً للكف عن الأذى.. فالعفو عندئذٍ موضوع فى غير موضعه.

وفى النهاية، فإن دائرة الانتقام تدور فى فلك دواخلنا النفسية مثل الدورة الدموية.. فشعور الإنسان بالظلم يجعل منه ضحية تسول له حق الأخذ بالثأر لكرامته وكينونته. وكما يقول الفلاسفة: “الانتقام هو عدالة لم تتحقق”.

Facebook Comments Box
اترك تعليق