القراءة السريعة ومغارة علي بابا

القراءة السريعة ومغارة علي بابا
0 435

القراءة السريعة ومغارة علي بابا

يعد الكتاب من أهم مصادر تحصيل المعرفة، حيث ينقلنا عبر الأزمنة والعصور لنعايش أحداثاً ونخالط أناساً يفصل بينا وبينهم مئات السنين. الكتاب يجعلنا نتنبأ بالمستقبل وبالأحداث التي قد تقع بصورة عجيبة. نعم إنه آلة زمن حقيقية إن صح التعبير.

قديماً عندما اكتشف علي بابا المغارة السحرية كان له هم واحد فقط: كيف يجمع أكبر قدر ممكن من الكنوز في أقل وقت ممكن قبل أن يأتي اللصوص. كذلك الكتاب هو مغارة مليئة بالكنوز ينبغي أن ننهل منها قدر الإمكان في أسرع وقت ممكن، وهنا تكمن أهمية تطبيق تقنيات القراءة السريعة. تستمد القراءة السريعة أهميتها من أنها تتناول نعمتين من النعم التي لا تقدر بثمن: الوقت والمعرفة.

وتشكل القراءة نسبة من 80 % إلى 90 % من الثقافة التي يحصل عليها الإنسان في حياته. كما أن تقدم الأمم والشعوب مرهون بتقدمها الثقافي الذي يعتمد في الأساس على القراءة لأجل تحصيل المعرفة.

القراءة السريعة ومغارة علي بابا
القراءة السريعة ومغارة علي بابا

إذن ما هي التقنيات التي قد تمكننا من تحقيق هذا الهدف السامي؟ وما هي العوامل التي تعيق القارئ عن الإسراع بالقراءة؟

في البداية لابد أن نؤرخ لأول ظهور للقراءة السريعة علي الساحة. قد تكون تلك المرة الأولي التي تسمع فيها بالقراءة السريعة، وأما من سمع بها فمنذ سنوات قلائل فقط. وبالرغم من ذلك فإن النبتة الأولي التي انبثقت منها القراءة السريعة قد ظهرت في خمسينيات القرن الماضي علي يد باحثة ومعلمة أمريكية تدعي: إيفيلين وود.

كانت  وود تسعي إلي فهم السبب الذي يجعل بعض الأشخاص يقرأون بسرعة أكبر من غيرهم، وكانت تحاول جاهدة أن تزيد من سرعة قراءتها وقيل أنه بينما كانت تقلب صفحات الكتاب بيأس اكتشفت أن حركة يدها فوق الصفحة تجذب اهتمامها وتشعل انتباهها وتساعدها على التنقل بسلاسة عبر الصفحة. فاستخدمت يدها كمحدد للسرعة، وقامت وود بتعليم هذه الطريقة في جامعة يوتا قبل أن تنشرها للعامة تحت مسمي “ديناميكيات القراءة عند إيفيلين وود” عام 1959.

وقبل أن نتحدث عن التقنيات التي تمكننا من القراءة السريعة، لابد أن نسرد أولاً العوامل التي تقلل من سرعة القراءة حتي نتجنب الوقوع فيها:

مواضيع اخري مميزة
1 od 2 |
  • البيئة أو الوسط المحيط: إذا كان الوسط المحيط لا يساعد علي التركيز ويشتت الانتباه فهذا من أهم العوامل التي تقلل من سرعة القراءة والاستيعاب.
  • التهجي: عندما كنا صغاراً علمونا القراءة بتهجي الحروف حرفاً حرفاً، ثم ضم الحروف إلي بعضها البعض لنتهجي الكلمة حرفاً إلي جانب حرف. ثم انتقلنا إلي المستوي التالي من القراءة فصرنا نقرأ كلمة كلمة وتوقفنا عند هذا الحد. ولا يعلم الكثير منا أن هناك مستوي أعلي ألا وهو القراءة جملة جملة أو فقرة فقرة.
  • القراءة بصوتٍ عالٍ: إذا ما قرأ الإنسان بصوتٍ عالٍ تشتت الذهن بين ثلاثة أمور: العين التي تري، والجهاز الصوتي الذي ينطق الكلمات، والعقل الذي يفكر في المدخلات التي أمدته بها العين واللسان.
  • الحركة الخاطئة للعين: حركة العين في الاتجاه الخاطئ يشتت الانتباه. فلابد أن تكون حركة العين من اليمين إلي اليسار أو من اليسار إلي اليمين علي حسب اللغة التي نقرأ بها.
  • قلة الممارسة: مثل أي هواية أو مهنة أو حرفة فإن عدم الانتظام في ممارستها يقلل من معدلات السرعة في أدائها. وكذلك القراءة لابد من الإكثار منها حتي تزداد معدلات قراءتنا.
  • التراجع: بعض الناس يعودون للفقرات التي انتهوا من قرائتها عند الشك أو عدم الوثوق في المضمون أو المحتوي الذي تلقته عقولهم للتو، وهذا الأمر في الحقيقة يقلل من سرعة القراءة بصورة كبيرة ويشتت الذهن.
القراءة السريعة ومغارة علي بابا
القراءة السريعة ومغارة علي بابا

أما عن التقنيات التي تمكن من رفع معدلات السرعة في القراءة فهي كثيرة جداً، ولكن نذكر منها بعض التقنيات التي تبلغنا بصورة سهلة وسريعة إلي مضاعفة المعدل التقليدي للقراءة من خمسة إلي عشرة أضعاف المعدلات المعروفة. ويقدر المتخصصون في هذا المجال أن سرعة القراءة العامة للناس هي 200 كلمة في الدقيقة، بينما السرعة التي يمكن أن يصل إليها القارئ بعد تعلم مهارات وتقنيات القراءة السريعة هي 1000-2000 ك/د.حسب مدة التدريب وجودته.

من تلك التقنيات نذكر الآتي:

  • الدليل البصري: كما ذكرنا سابقاً فإن إيفيلين وود توصلت إلي إحدي التقنيات التي مكنتها من زيادة معدل القراءة بصورة كبيرة عن طريق تمرير إصبعها تحت الكلمات أو الجمل التي تقرأها. وعلي حسب السرعة التي تحرك بها إصبعك فوق صفحات الكتاب تكون سرعة قراءتك.
  • توسيع المجال البصري: وسع مدار عينك في قراءة عدة كلمات في السطر واجعل حركة عينيك سريعة بين الكلمات، فحدقة العين متطورة جداً يمكنها أن تري ليس فقط ما هو أمامها مباشرة ولكن تري كذلك ما قد يظهر في أقصي يمين أو يسار العين.
  • تجنب القراءة بصوتٍ عالٍ: تجنب التلفظ بالكلمات أو إصدار أي صوت، وكذلك تجنب تحريك الشفاه، مع التعود على القراءة باستخدام العينين فقط من أجل رفع معدلات التركيز وعدم تشتيت الانتباه.
  • لا تراجع: يجب ألا ترجع أثناء القراءة إلى الفقرات السابقة. ويساعد علي إتمام هذا الأمر الإطلاع أولاً علي فهرست الكتاب والمقدمة قبل البدء في التصفح أو القراءة، وتلك الطريقة ستجنبك الشك الذي يجعلك تعيد قراءة ما سبق.
  • استخدام المسطرة: ينصح الخبراء باستخدام قاطع أثناء القراءة يغطي به القارئ الفقرة أو الجملة التي سبق قراءتها حتى يعوّد نفسه عدم الرجوع لها مرة أخري.
  • تنويع معدلات سرعة القراءة: عدم الالتزام بمعدل واحد فقط في القراءة يحسن من مستوي التركيز ويدفع الملل الذي يجعل القارئ يتراخي ويقلل من معدلات سرعته.
  • استخدام المؤقت الزمني: التدرب علي القراءة السريعة باستخدام المؤقت الزمني مع تسجيل المعدلات التي يتم تحقيقها في الدقيقة الواحدة من أجل تخطيها والوصول إلي مستويات أعلي. مع ضرورة متابعة مدى التقدم في السرعة بصورة يومية، أو في كل مرة تقوم فيها بهذا التمرين. ولا تنس أن تحفز نفسك بتحديها في كسر أقل مدة تستغرقها في كل مرة.
  • قراءة جملة جملة أو فقرة فقرة: قراءة مجموعة من الكلمات في السطر الواحد، مع تدريب العينين على زيادة سرعة حركة العينين بين الكلمات. وكذلك الانتقال من سطر إلى سطر ومن فقرة إلى أخرى، ومن صفحة إلي الصفحة التي تليها يزيد بصورة كبيرة من سرعة القراءة.
  • وفي النهاية، ضع نصب عينيك هدفاً يحفزك للاستمرارية. وعليك دائماً أن تسعي إلي تحسين سرعة القراءة إذا واظبت على واحد أو أكثر من هذه التمرينات يومياً. ويمكن لكثير من القراء أن يضاعفوا من معدلات سرعتهم في القراءة بعد مضي عدة أسابيع قلائل.

سرعة القراءة ونسبة الاستيعاب

تؤكد بطولة العالم للقراءة السريعة أن “القراءة بفهم واستيعاب” أمر حاسم وهام جداً، فعلى المتسابقين الأفضل أن يقرؤوا ما بين 1000 لـ 2000 كلمة في الدقيقة الواحدة مع نسبة استيعات لا تقل عن 50%.

وقد حققت بطلة العالم آن جونز معدل 4251 كلمة في الدقيقة بنسبة استيعاب 67%. إلا أن بعض التربويين المعارضين للقراءة السريعة يرون أن نسبة استيعاب 50% هي نسبة غير مقبولة. في حين يري مناصروا القراءة السريعة ودعاتها أنها طريقة جيدة للفهم لأغراض متعددة.

ولكن عند الحديث عن سرعة القراءة ونسبة الاستيعاب يجب أن تؤخذ النقاط التالية بعين الاعتبار: نوع القراءة المنجزة، مخاطر الفهم الخاطئ للنص الناتج عن ضعف أو قلة الاستيعاب، والفوائد المتعلقة بالتنقل السريع خلال النص، واكتساب المعلومات بمعدلات تلقيها الطبيعية.

Facebook Comments Box
اترك تعليق